إذا كان الزوجان الناجحان يلتزمان بقاعدة التسامح في علاقاتهما مع بعضهما البعض فان الزوجين الفاشلين بالعكس من ذلك يحملان دائماً في أذهانهما قائمتين؛ الأولى: قائمة فيها الخدمات التي فعلها أحدهم للطرف الآخر والقائمة الثانية: تمتلئ بالسلبيات التي تلقاها من الطرف الآخر، ومع هاتين القائمتين يشعر صاحبهما بأنه هو المحسن وأن شريكه مسيء، وأنه ضحية وشريكه جزار، وهذه الطريقة تضرّ من عدة جهات:
أولاً: أنها تؤدي الى أن يحمّل الشريك ضميره ثقلاً لا داعي الى حمله فكأنه حمّال ظُلامات.
ثانياً: إنه يشعر دائماً بالمعاناة وينتظر من الطرف الآخر ظلماً جديداً وسيئةً جديدة وكلمةً نابية وموقفاً سيئاً منه.
ثالثاً: إنه يشعر بالغضب تجاه الآخر.
والسؤال هنا؛ لماذا يحمل البعض دائماً قائمتين؛ الأول بحسناته للآخر، والثانية بسيئات الآخر بالنسبة إليه؟
والجواب: هنالك ثلاثة أسباب: السبب الأول: إن هذا النوع من الناس يفتقر إلى تقدير الذات، فهو يشعر دائماً بأنه محتاج إلى من يقدّر موقفه.
والسبب الثاني: أنه غير راضٍ عن دوره، سواءً لانه يشعر بكونه ضحيّة وأنه يعطي تنازلات أكثر من اللازم، أو لأي سبب آخر.
أما السبب الثالث: فلانه يشعر بخيبة أمل في الآخر، فهو كان يحمل صورة مثالية في ذاكرته لم تنطبق على الطرف الآخر.
وإذا سُئلنا: ماذا نفعل لكي لا نكون من هذا النوع من الزوجين الفاشلين؟
الجواب:
أولاً: أن نتذكر دائماً حسنات الطرف الآخر.
فما من إنسان مهما كان شريراً إلاّ وهو في جانب من الجوانب يحمل بعض الحسنات، فحتى الأشواك فان فيها بعض الورود، وحتى الليل فله بعض الحسنات، وحتى الظلمة فهنالك حاجة اليها.
ثانياً: أن نتذكر حبنا للشريك وحب الشريك لنا.
ثالثاً: أن نتذكر القواسم المشتركة والايام الحلوة والذكريات الجميلة التي كانت لنا هنا وهناك.
رابعاً: كلما وسوس إبليس إلينا لاستعراض قائمة حسناتنا وسيئات الآخرين لابد أن نبتعد عن هذا الموضوع، أي أن نمتنع عن قراءة هذه القائمة واستعراض كل الحسنات التي لنا لنمنّ بها على الآخر وسيئات الآخر لنحاسبه عليها.
والقرآن الكريم يقول: (ولا تمنن تستكثر) (المدثر/6)، المنّة مرفوضة، فلو افترضنا انك قدمت الملايين من الخدمات لأحد أو صنعت الخير له فلا داعي للمنّة، كما انه ليس من الصحيح أن نلوم دائماً الآخرين على ما فعلوه تجاهنا، ولو افترضنا أنه حدث لك شجار حول هذه الأمور مع شريك حياتك فلا تعتقد أن تلك نهاية التاريخ، بمعنى أنه مادام أن الشريك ذكر قائمة حسناته وذكر قائمة سيئاتنا فقد انتهى كل شيء، فلا تنسَ ان مثل هذه الأمور تقع ما بين الزوجين، فلا تعتبر ذلك نهاية التاريخ وبداية خصام لا ينتهي